هكذا هم الكبار
ونحن في زيارة عمل رسمية بدولة أتاتورك الحديثة وتحديداً في مدينة اسطنبول التي تقع على شواطئ البوسفور الساحرة ذلك المضيق المتعرج الذي يفصل أوروبا عن آسيا ... تلك المدينة الرائعة الجمال التي يتردد فيها ألقاب أفندينا والباشا والأغا ... لا أدري لماذا تذكرت حينها أسم علي أغا ؟ ... تلك الشخصية المحترمة الجديرة حقاً أن تكون نموذجاً رائعاً وعنواناً حاضراً وقدوة طيبة للشباب النوبي ... علي أغا يعمل للنوبة وللنوبة فقط ... كرس وقته وجهده وماله في دعم الشباب النوبي من أجل تنمية منطقة النوبة دون أن ينتظر إلى كلمة شكر أو عبارة ثناء ... وحتى لا يتخيل الأخوة الأعضاء أننا ننافق الرجل أو نداهنه ... أقول أنني لم أقابله يوماً ولو على سبيل الصُدفة ولا أعرف أيضاً ملامحه ، حتى أنه لم يكن بيننا يوماً اتصالاً هاتفياً ولو عابراً ، ولكن الحقيقة العارية هي أن أعماله هو من يتحدث عنه .
لقد سبق وقلنا أن الأفعال حينما تتحدث عن صاحبها ، أن الكلام يعد أمراً استثنائياً ، ويصبح من قبيل التوثيق فقط ... لقد سبق وانتقدنا الذين يتكلمون ولا يفعلون ، وبموجب ذلك يصبح لزاماً علينا أن نشيد أيضاً بالذين يعملون ولا يتكلمون للشهادة والتاريخ .
لقد حمل ( أغا ) على كاهله مسئولية إنشاء العديد من الأنشطة التدريبية والحرفية والاجتماعية التي تخدم أبناء النوبة ، وأصر على أن يجعلها منتدى عملي لتفعيل دور الشباب لاكتساب مهارات ذاتية تنفعه وتفتح له آفاق المستقبل ، وهناك الكثير من الأنشطة والمشروعات العملية التي دأب ( أغا ) على القيام بها ، ومع ذلك لم نسمعه في يوم من الأيام يتحدث عنها ويتباهى بها في المنتديات أو في الصحف كما يفعل غيره ، ولم نراه في يوم من الأيام ينيب شخصاً للحديث نيابةً عنه ، ولم نراه يصارع من أجل الكرسي ذلك أو ذاك ، ولم نشاهده يوماً يقاتل من أجل الحصول على أي مكسب سياسي أو اجتماعي بل رأيناه فقط يعمل في صمت ... لقد دأب ( أغا ) رجل المرحلة على تلقين الدرس لمن يعشقون الذات ودون أن يقصد ذلك ، فهو فقط أراد أن يقدم شيئاً ملموساً مفيداً للمجتمع النوبي وأراد لأفعاله أن تتواصل مع أبناء بلده وتصل إلى كُل بيت نوبي ويعمل انطلاقاً من ذاته وليس محسوباً لتيار أو حزب معين وعنوانه فقط النوبة هي الأهم .
نحن لسنا بصدد مديح أو ثناء لشخص الرجل بل نحن بصدد توثيق انجازات تتحدث عن نفسها ونقول للجميع أن القدوة ليست بالكلام ولكن بالعمل الطيب ، وأن الدخول في مُهاترات كلامية أمر من شأنه الإضرار بكل ما هو نوبي ...
وبالنيابة عن نفسي وعن كُل نوبي مُخلص شريف أتقدم لهذا الرجل بالشكر والتقدير والثناء ، وأرجو أن نقف جميعاً إلى جواره من أجل تحويل الألم إلى أمل والكلام إلى عمل ، ولا يخرج من بيننا من يحاول التقليل من شأن أفعال الرجل التطوعية أو إهدار التجربة النموذجية في تنمية وتعمير النوبة التي قام بها لأجل النوبة وأهلها .
نريد من الجميع أن يتكاتف خلف ( الأغا ) لنقول له إننا فعلاً يداً واحدة حينما نجد من يقدم مصلحة النوبة على مصلحة نفسه أو على مصلحته الخاصة ...
نحن معك يا أغا ، ونتمنى أن يكون هناك المئات بل الآلاف مثلك ... لكن كيف يتحقق ذلك ؟ ! والزمن لا يجود علينا بالكبار إلا بشق الأنفس .