ما أجملها من لحظة عندما دخل صلاح الدين الايوبي المسجد الاقصي أول مرة بعد غياب تسعيين عاما
أول شئ فعله عندما دخل هو أن سجد هو و جيش المسلميين لله شكرا ، و قد حان موعد صلاة العصر فقال "أقم الصلاة "و صلوا جميعا في ساحة المسجد الخارجية لأنه حين دخل المسجد ، لم يجده مسجدا بأي حال من الأحوال، فقد كانت الصلبان في كل مكان في المسجد، فأمر صلاح الدين برد الصلبان الي الرهبان من دون أن تمس بأي ضرر و رد المسجد الي صورته الاولي
و كانت أول صلاة تصلى في المسجد الاقصي هي صلاة الجمعة يوم الجمعة -كان فتح المسجد الاقصي يوم الثلاثاء-
و خطب خطبة الجمعة القاضي "محيي الدين بن زكي الدين"و أفتتح الخطبة قائلا " فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين .
كانت الخطبة أكثر من رائعة كانت حماسيه ، شاملة، وافية ،كافية :
ياأيها الناس، أبشروا برضوان الله الذي هو الغاية القصوى والدرجة العليا، لما يسره الله على أيديكم من استرداد هذه الضالة من الأمة الضالة
فهو موطن أبيكم إبراهيم ومعراج نبيكم محمد (عليهما الصلاة والسلام) وقبلتكم التي كنتم تصلون إليها في ابتداء الإسلام، وهو المسجد الذي صلى فيه رسول الله بالملائكة المقربين..
فطوبى لكم من جيش ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية والوقعات البدرية والعزمات الصديقية والفتوح العمرية والجيوش العثمانية والفتكات العلوية!
جددتم للإسلام أيام القادسية والوقعات اليرموكية والمنازلات الخيبرية والهجمات الخالدية، فجزاكم الله عن نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) أفضل الجزاء، وشكر لكم ما بذلتموه من مهجكم في مقارعة الأعداء، وتقبل منكم ماتقربتم به إليه من مهراق الدماء، وأثابكم الجنة فهي دار السعداء..
فاقدروا ـ رحمكم الله ـ هذه النعمة حق قدرها، وقوموا لله تعالى بواجب شكرها، فهذا هو الفتح الذي فتحت له أبواب السماء، وتبلجت بأنواره وجوه الظلماء،وابتهج به الملائكة المقربون، وقرَّ به عيناً الأنبياء والمرسلون،
أليس هو البيت الذي عظمته الملوك وأثنت عليه الرسل وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة من إلهكم عز وجل؟!
فاحمدوا الله الذي ووفقكم لما خذل فيه من كان قبلكم من الأمم الماضين، وجمع لأجله كلمتكم وكانت شتى، وأغناكم بما أمضته "كان وقد" عن "سوف وحتى"،
فالآن يستغفر لكم أملاك السماوات، وتصلي عليكم الصلوات المباركات، فاحفظوا رحمكم الله هذه الموهبة فيكم واحرسوا هذه النعمة عندكم بتقوى الله، التي من تمسك بها سلم، ومن اعتصم بعروتها نجا وعصم.وإياكم أن يستزلكم الشيطان، وأن يتداخلكم الطغيان، فيخيل لكم أن هذا النصر بسيوفكم الحداد وبخيولكم الجياد وبجلادكم في مواطن الجلاد. لا والله [مَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ].
اللهم وأدم سلطان عبدك الخاضع لهيبتك، الشاكر لنعمتك، سيفك القاطع، وشهابك اللامع، والمحامي عن دينك المدافع، السيد الأجل الملك الناصر ، صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، مطهر البيت المقدس "أبي المظفر يوسف بن أيوب" محيي دولة أمير المؤمنين، اللهم عم بدولته البسيطة، واجعل ملائكتك براياته محيطة، وأحسن عن الدين الحنيفي جزاءه، واشكر عن الملة المحمدية عزمه ومضاءه..
اللهم اشكر عن محمد سعيه، وأنفذ في المشارق والمغارب أمره ونهيه، اللهم وأصلح به أوساط البلاد وأطرافها، وأرجاء الممالك وأكنافها،
اللهم ثبت الملك فيه وفي عقبه إلى يوم الدين، واحفظه في بنيه وبني أبيه الملوك الميامين، واشدد عضده ببقائهم، واقض بإعزاز أوليائه وأوليائهم..
اللهم كما أجريت على يده في الإسلام هذه الحسنة التي تبقى على الأيام، وتتخلد على مر الشهور والأعوام، فارزقه الملك الأبدي الذي لا ينفد في دار المتقين، وأجب دعاءه في قوله: [رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
كانت هذه أول خطبة ببيت المقدس بعدما فتحه صلاح الدين.
فأين هو الآن صلاح الدين؟