إحنــا بنينـــا السـد العالـي
د. هالة أحمد زكي- محمد جمال ابو زيد
11
تلقيت صباح اليوم الرسالة التالية من وزير السد العالي.. بأسم بناة السد العالي الذين تعهدوا بالانتهاء من إنشاء محطة كهرباء السد العالي في العيد الثامن عشر للثورة تقديرا منهم لفضلها في إنشاء هذا المشروع العظيم الذي لم يكن ليتم لولا التصميم علي تنفيذه بالرغم من المؤامرات الامبريالية التي حيكت لإحباطه.
يسرني أن أبلغ سيادتكم أن العمل بالسد العالي علي هذا النحو يكون قد انتهي علي أكمل وجه. مع أصدق تمنيات جميع العاملين فيه و في هذه المناسبة نجدد العهد داعين الله أن يسدد خطانا علي طريق النصر.
وهكذا... فإنه وسط الحرب ووسط المعارك ووسط التضحيات ووسط المؤامرات يمضي الشعب المصري قادرا قويا عزيزا أبيا لا توقفه عثرة ولا تعوقه صدمة ولايخيفه خطر ولا يثنيه عن الإيمان بالله وإيمانه بقدره وإيمانه بحقه وإيمانه بنضاله جبروت أو إرهاب مهما كانت أدواته.. خط عند الجنوب بعرض النيل العظيم هو السد العالي الذي إكتمل بناؤه هذا اليوم وخط عند الشمال بمحاذاة قناة السويس هو خط القتال الذي يخوض عليه الشعب المصري والجيش الوطني للشعب المصري أشرف معاركه وأعظم معاركه وأعنف معاركه عند ذلك الخط علي الجنوب بعرض نهر النيل يقف السد العالي. بالسد العالي نفسه تم حتي الآن تحويل836 ألف فدان من أراضي الحياض إلي الري الدائم وتم استصلاح850 ألف فدان جديدة أضيفت إلي الرقعة الزراعية انتصارا علي الصحراء. ومازالت عمليات الاستصلاح علي المياه الفائضة مستمرة كل يوم لا تتوقف لحظة مهما كانت الظروف. وبكهرباء السد العالي فإن طاقة قدرها عشرة مليارات كيلو وات ساعة قد أضيفت إلي طاقتنا. وبذلك فإن دخل الفرد المصري من الطاقة الكهربائية المتاحة يرتفع إلي خمسمائة كلو وات ساعة في السنة في حين انه كان أقل من أربعين كيلو وات ساعة في السنة قبل الثورة.
الزعيم جمال عبد الناصر في الاحتفال بالسد العالي عام1970
هذا نص خطاب من الزمن الجميل كانت فيه مصر المحروسة فيها حاجة حلوة..ففي الزمن الذي كان يلقي فيه عبد الناصر خطابه كان هناك شيئ موجود بقوة علي الساحة, ذلك الشئ هو العزيمة والتصميم والمصلحة المصرية والأكثر من هذا فكرة المشروع القومي.
فقد نجح المصريون في حين فشل غيرهم في تأميم قناة السويس وفي إقامة سد عال يقي مصر من خطر الفيضان والتحاريق أمان لبر مصر ودعوة إلي الأجيال الجديدة كي تغير من واقع الترقب والخوف الذي كان يحكم عملية الزراعة التي كانت تعني كل حضارة المصريين.
فإذا كان تأميم القناة بعد خطاب المنشية الشهير هو بيان لرؤية سياسية فإن السد العالي هو الحصاد. فلم يكن لدي مصر من المقدرة المالية بعد أن رفض الغرب والبنك الدولي التمويل لبناء هذا السد الذي بني في زمن الآباء بأيد مصرية وكان الحل السياسي الأكيد هو تأميم القناة بعد أن رفضت تلك الجهات المانحة أن تعطي للمحروسة مصر الفرصة في أن تقرر مصيرها.
والاكثر من هذا ما حسب للزعيم عبد الناصر صاحب أهم بصمة مصرية في زمن الثورة من مشروعات تكميلية تلحق بالسد. هذه المشروعات ندعو المصريين الأن إلي مراجعتها فلم يسعفنا الزمن وسط تغييرات الحكام بالنظر نظرة موضوعية إليها.
> ـستظل ملحمة بناء السد العالي ذلك المشروع الكبير والضخم الذي يمثل إرادة وطن وصاغها أبناؤه بقوة قلب وضمير وإخلاص وحماس, نسجت مع الحجر هرما رابعا علي أرض الوادي ليرتفع البناء فوق السواعد, محققا التحام البشر والحجر لتغيير مصير أمة ظلت لقرون طويلة خاضعة لإرادة نهر يهجم عليها بفياضانات مدمرة كان يتم تخصيص نحو100 ألف مهندس وعامل لمواجهتها خلال شهور الفيضان.
وفي هذه الأيام تحتفل مصر بالعام الواحد بعد الخمسين لإرساء حجر أساس السد العالي الذي يعتبر أعظم وأكبر مشروع هندسي في القرن العشرين معماريا وهندسيا, متفوقا بذلك علي مشاريع عالمية عملاقة أخري بإقامة أكبر بحيرة صناعية في العالم تحمل حينا اسم بحيرة السد العالي, وأحيانا اسم بحيرة ناصر أو كما يسميها الكثيرون بحيرة الإنقاذ بتغلبها علي مشكلات إيرادات مياه النيل وإنقاذها لمصر من الجفاف وتوفيرها نحو19 مليار متر مكعب من المياه عند أسوان.
كما أتاح زيادة الرقعة المنزرعة بنحو1.3 مليون فدان وتحويل مساحة670 ألف فدان من ري الحياض إلي ري مستديم, وأيضا توليد نحو1.4 مليون كيلو وات/ ساعة من المحطة الكهربائية علي السد بما جعل تلك البحيرة بنكا مائيا يوفر احتياجات مصر عند الضرورة سواء بمياه ري أو شرب أو صناعة أو ملاحة أو كهرباء.
ومشروع السد العالي الذي استغرق بناؤه عشر سنوات بأيدي نحو34 ألف مصري منهم من سقط شهيدا تحت صخوره ومنهم من عاش مصابا بتكاليف بناء بلغت365 مليون جنيه أقرضها الاتحاد السوفيتي لمصر عام1960 بعد قيام خبراء سوفيت بمراجعة تصميمات السد التي أسهمت بإضافة تقنيات خاصة في بنائه, ليبدأ تنفيذ المرحلة الأولي في9 يناير1960 التي شملت حفر قناة التحويل, والأنفاق, وصب أساسات محطة الكهرباء, ثم تحويل مياه النهر إلي قناة التحويل والأنفاق, وغلق مجري النيل, والبدء في تخزين المياه بالبحيرة والتي سبقها تهجير أهل النوبة من أراضيهم أمام السد( النوبة القديمة) إلي المنطقة خلف السد في نصر النوبة لتجري بعدها أعمال اكتمال البناء وانطلاق الشرارة الأولي من محطة كهرباء السد في عام1967 ثم بدأ تخزين المياه بالكامل أمام السد منذ عام1968, ليكتمل الصرح, ويتم الاحتفال بافتتاحه في15 يناير.1971
يناير وإرادة المصريين
يقول المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر نجل الزعيم عبد الناصر إن ملحمة بناء السد كانت أول اختبار للإرادة الوطنية التي جسدها رجال ثورة يوليو, تلك الإرادة المعبرة لجيل الـ المائة في المائة وليس جيل النصف أو الخمسة في المائة داعيا الي تعلم الناس اليوم من تلك الملحمة حيث نجد أن من قام بتلك الملحمة في ذلك الوقت هم شباب مثل صدقي سليمان وزير السد العالي الذي كان لا يتجاوز عمره وقتها40 عاما مؤكدا بروز التجربة في وقتنا الحالي بقيام ثورة25 يناير المجيدة بالشباب الذي أبهر العالم بثورة قضت علي الفسادويضيف عبد الحكيم أن السد بتجسيده للإرادة الوطنية بالشباب من أول تأميم القناة ثم مواجهة العدوان الثلاثي ثم السد العالي استند علي المثل والقيم العليا فلم نسمع عن شبهة فساد فقد كانت التقديرات لبناء السد هي400 مليون جنيه وتم العمل بتكلفة لم تتجاوز370 مليونا فقط مما يؤكد أن العمل كان يجري بحب للوطن
واستطرد قائلا إن قناة السويس منذ تأميمها حتي الآن أدخلت خزينة الدولة47 مليار جنيه تم أخذ واحد مليار جنيه لمشروع السد, ولم نسمع عن الـ37 مليار الأخري شيئا ومن أخذها ونهبها. فشعب مصر العظيم خرج في ثورة25 يناير المجيدة مناديا ومطالبا بعيش وحرية وكرامة إنسانية وعدالة إجتماعية ومهما أدخلونا في أمور, يمين أو يسار, دينية أو علمانية, فمصر لن تكون إلا رمزا للكرامة الإنسانية ورمزا للعالم العربي وقائدة للعالم الإسلامي فمصر كانت وستظل عربية إسلامية إفريقية
ودعا نجل الزعيم الراحل الي أن تتجه مصر للعديد من المشروعات القومية لتستعيد دورها في منطقتها والعالم
ويعتقد المهندس الاستشاري صلاح فجال كبير مهندسي السد:
إن السد العالي يعد ضمانا مؤكدا لتوفير احتياجات المياه طوال العام, موضحا أنه بعد بناء خزان أسوان عام1902 كانت سعة التخزين للمياه هي لمليار متر مكعب, وبعد التعلية الأولي للخزان عام1912 كانت السعة التخزينية هي5.2 مليار متر مكعب وبعد التعلية الثانية عام1933 بلغت السعة5 مليارات متر مكعب.
ويضيف أن إيراد النهر الواصل عند أسوان أي أعلي فيضان مثل ما حدث عام1878 هو151 مليار متر مكعب وأدني فيضان هو34 مليار متر مكعب مثل ماحدث عام.1913
وأرجع الخطوات الفعلية الأولي لتنفيذ المشروع لعام1952 عندما تقدم المهندس المصري اليوناني الأصل دانينوس بمشروع لقيادة الثورة لبناء السد بهدف حجز الفيضان وتحزين المياه وتوليد الكهرباء منه وبدأت الدراسات في أكتوبر1952 من قبل وزارة الأشغال العمومية( وزارة الري والموارد المالية حاليا) وسلاح المهندسين بالجيش ومجموعة منتقاة من أساتذة الجامعات ليستقر الرأي علي التنفيذ وفي أوائل عام1954 تقدمت شركتان ألمانيتان لتصميم المشروع وقامت لجنة دولية بمراجعة المشروع في ديسمبر,1954 وبناء علي إقرار مواصفات وشروط التنفيذ طلبت مصر من البنك الدولي تمويل المشروع الذي أقر جدواه فنيا واقتصاديا, ونتيجة لضغوط استعمارية تقدم البنك الدولي بعرض معونة تساوي ربع تكاليف الإنشاء, ثم سحب في يوليو1956 عرضه, لتقوم مصر بتوقيع اتفاقية بين روسيا( الاتحاد السوفيتي سابقا) التي كان لها دور فعال في إقامة هذا المشروع الحيوي والضخم وذلك في مايو1964 وأسهم فيه خبراتها ليتم توقيع اتفاقية تقرض روسيا فيها مصر400 مليون جنيه تم تسديدها بالكامل عام.1978
حكاية السد:
ويصف الدكتور مهندس سعد نصار رئيس جمعية بناة السد العالي, مشروع السد العالي أنه عبارة عن سدر كامي طوله عن القمة3830 مترا منها520 مترا, بين ضفتي النيل ويمتد الباقي علي هيئة جناحين علي جانبي النهر ويبلغ ارتفاعه111 مترا فوق منسوب قاع النيل وعرضه عن القمة40 مترا, وتم تصميمه بحيث يكون أقصي منسوب للمياه المحجوزة أمامه183 مترا, حيث تبلغ مساحته التخزينية عند هذا المنسوب169 مليار متر مكعب.
ويقول إن فكرة بناء السد بدأت تكتمل لتفيذها عمليا في عقل جمال عبد الناصر في26 يوليو1956 عندما أعلن تأميم شركة قناة السويس شركة مساهمة مصرية حيث لم يكن هذا القرار إلا لتنفيذ السد العالي بأموال القناة والذي وقف فيه الصديق السوفيتي بجانب مصر وقدم المساعدات التقنية والمعدات, وقد استطاع المشروع أن يأتي بتكاليف إنشائه في أقل من عامين إذ بلغ العائد خلال عشر سنوات من إنشائه ما لا يقل عن10 آلاف مليون من الجنيهات أي عشرين ضعفا لما أنفق عليه.
ويضيف الدكتور نصار أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وقف بكل قوته وراء السد لكن ذلك لم يكن كافيا لتمويل بنائه التي كان من الصعب علي مصر تحملها من بناء وري وصرف واستصلاح وإسكان ومرافق وطرق إضافة إلي التعويضات هناك الفائدة عليها حيث قدر المبلغ الأساسي وقتها بـ210 ملايين جنيه بالإضافة للتعويضات عن الأراضي التي تستغمرها المياه في مصر والسودان وكان من الصعب علي مصر وحدها تحملها وهو ما دفع الحكومة المصرية إلي البحث عن مصادر خارجية للمساهمة في تمويل بناء السد حيث توجهت مصر إلي دول الغرب والبنك الدولي في البداية الذين رفضوا التمويل بصورة مهينة لمصر, وبما أشارت الولايات المتحدة الأمريكية في خطاب رسمي لوزير خارجيتها إلي أن بلدا من أفقر بلدان العالم لا يتحمل تكاليف مشروع كبير مثل هذا وتجاه هذا الرفض الأمريكي بصورة معينة كانت الخطوة المصرية بإلقاء الزعيم الراحل عبد الناصر لخطابه التاريخي في26 يوليو1956 الذي عرض فيه تفاصيل مشروع السد العالي وتمويله وإعلانه تأميم قناة السويس من أجل تمويل بناء السد وقفت فيه الدول العربية جميعا وقفتها مع مصر لتجسد معاني الوحدة والعروبة.
ومنذ البدء في إنشاء السد العالي مر علي مصر عدد من سنوات الفيضانات العالية وتحديدة في1964, و1967, و1975, و1987, و1996, و1998, ليتعرض السد لحملة هجوم ضاربة سرعان ما انتهت عندما ضرب الجفاف هضبتي البحيرات الاستوائية والإثيوبية لمدة تسع سنوات من1979 إلي1988 أنقذ خلالها مخزون بحيرة ناصر من خطر الجفاف بفضل سدها العالي, ولنا أن نتصور حال الزراعة والصناعة في مصر لو لم يكن السد موجودا الذي توفر بحيرته ما يقرب من11 مليار متر مكعب سنويا مخزونا للمياه, تستخدمها مصر في سنوات شح الفيضان.
ويشير إلي أن مزايا بناء السد أكثر وأهم من سلبياته التي يرددها البعض من انخفاض خصوبة الأراضي الزراعية نتيجة حجز الطمي, حيث يمكن تعويض هذا الفقد بالأسمدة, أو عامل ارتفاع منسوب المياه, الأرضية الذي يرجع لري الأراضي بغمر المياه وهو ما يتم معالجتة بإنشاء مصارف جيدة واستعمال الري بالرش أو بالتنقيط.
ولعل أسوأ الآثار الجانبية للسد العالي كما يقول الدكتور سعد نصار كان غرق قري ومناطق النوبة وتعرض بعض آثارها للانغمار بمياه بحيرة ناصر قبل إنقاذ تلك الآثار وهو ما يقابله أن إقامة السد العالي في موقعه الذي أقيم به مما أدي إلي غرق قري النوبة القديمة وتهجير أهلها إلي نصر النوبة شمال أسوان لم يكن اختياريا بقدر ماكان ضرورة نظرا لأنه أنسب المواقع لإقامة السد كما أثبتت الدراسات العلمية للمنطقة من أسوان وحتي حدود السودان ورغم أن غرق اراضي النوبة القديمة قد خلق بعض المرارارت لدي أبناء مصر الذين كانوا يعيشون فيها وعمليات تهجيرهم بصورة سريعة أهملت بعض حقوقهم, إلا أن ذلك كان ضرورة لحماية مصر وشعبها بما فيه النوبيون من مخاطر الفيضان والجفاف.
فلسفة مصرية
ويوضح المهندس عبد الاله الهمشري مدير عام المكتب الفني للهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان ان السد العالي هو سيناريو إلهي أوجده الله في هذا المكان ليكون قلب مصر النابض مهما دارت حوله الشكوك, فمعجزة السد تفوق معجزة بناء الاهرامات. فالهرم كان مدفنا للموتي مع سر عظمة البناء أما السد العالي فكان ركيزة العطاء والتنمية والحياة لمصر وإفريقيا.
وأضاف عبد الاله أن السد كان مشروع مصر القومي الذي دارت حوله المعاني وتحديا للبنك الدولي وأقوي دول العالم مشيرا إلي أن الارادة المصرية رغم نكسة1967 لم تتوان في إتمام مراحل مشروع السد. ففي شهر أكتوبر من نفس العام قمنا بتركيب أول توربينة وكان عدد العاملين والفنيين بموقع العمل يصل إلي36 ألفا.
ومن ذكريات السد كان هناك نشيد للأطفال بمدارس أسوان الابتدائية يرددونه كل صباح:
9 يناير يوم يتعد يوم ما وضعنا أساس السد
يوم فرحتنا في بناء السد9 يناير يوم يتعد
لا لي يا نور السد العالي وامشي يا مية ورايا تعالي
وأكد سيرجي كليا شينكو سفير روسيا بالقاهرة إن السد ليس مجرد مشروع ولكنه فلسفة في حد ذاته, ففلسفة السد بدأت قبل بنائه واستمرت ليومنا هذا وسوف تستمر فيما بعد, فهو مشروع فاصل في تاريخ مصر( أحد الأحداث المفصلية في تاريخ مصر) وكان البطل الحقيقي لإقامة هذا الصرح هو الشعب المصري أولا وأخيرا بمساعدة إخوانه في روسيا.
وأضاف أن السد واجه صراعات قبل وأثناء وبعد إنشائه فكانت الأسئلة تطرح حول هل سلبياته تفوق إيجابياته وقد أعطت الحقيقة جوابا حول هذا الطرح والسؤال فكلنا يتذكر السنوات التسع العجاف التي أنقذ فيها السد مصر من خطر الجفاف.
وأعرب السفير عن سعادته بزيارة السد العالي خلال الأيام المقبلة معتبرا نفسه محظوظا بتلك الزيارة حيث سيشهد بأم عينيه المعجزة التي حققتها إرادة الشعب المصري.
.. و مشكلة النوبيين في السياسات المتبعة
> استلزم تنفيذ مشروع السد العالي تهجير أهالي النوبة من موطنهم جنوبي السد العالي إلي مركز نصر النوبة وهي الهجرة الرابعة للنوبيين عقب3 هجرات سبقت هجرتهم عن إتمام بناء السد, وهي الهجرات التي تمت في سنة1902 عند بدء بناء خزان أسوان, وفي1913 منذ التعلية الأولي للخزان, وفي سنة1933 عند التعلية الثانية للخزان.
ويقول محمد سليمان جند كاب رئيس جمعية التراث النوبي: تطلب بناء السد العالي إختيار موقعه علي بعد6.5 كم جنوبي سد أسوان وذلك لضيق المجري نسبيا بين ضفته المرتفعتين, كذلك ولقربه من مدينة أسوان ومحاجر مواد الإنشاء الرئيسية وأهمها الصخور والرمال والطين الأسواني, بالإضافة لمصدر الكهرباء من محطة خزان أسوان.
ويوضح محمد سليمان جندكاب أن إقامة السد في موقعه كان ضرورة نظرا لأنه أنسب المواقع لإقامة السد, كما أثبتت الدراسات العلمة للمنطقة من أسوان وحتي حدود السودان.
وأكد أن تأثير السد العالي علي النوبيين لم يكن بهذه الصورة التي كان فيها قدر من المبالغة, فكون أن السد كان سببا في إغراق أراضي النوبة القديمة فلم تكن تلك هي المشكلة, ولكن المشكلة تكمن في السياسات الخاطئة التي اتبعت فيما بعد التي خلقت بعض المرارات, فالنوبييون جزء من نسيج المجتمع المصري ويدركون تماما أن تهجيرهم كان ضرورة لحماية مصر وشعبها بما فيه النوبيون من مخاطر الفيضان والجفاف.
ويضيف جند جاب أنه قبل بناء السد في الثلاثينات, كانت تأتي ما يعرف بالتحاريق البوستة(بواخر التنقل البحري) بين حلفا والشلال تتوقف عن السير نظرا لانخفاض منسوب المياه, وهذا معناه أن المياه لن تصل تماما فيما بعد, فجاء السد وخدم مصر كلها بتخزين المياه سنوات الفيضان العالي.
خلاصة ذلك أن السد بجميع المقاييس لم يضر أحدا بل كله منفعة وحماية للمصريين من أخطار كانت ستحيق بنا سابقا أو في وقت لاحق.
ويشير جند كاب إلي أن مشكلة الإطماء أي حجز الطمي التي يعتبرها البعض من مساويء السد, فالرد عليهم بأنه ليس لدينا مشكلة إطماء, فهذا الإطماء يتم في حلفا إلي أعلي لأن حلفا مجري وليست مخزنا للمياه, ولأن البحيرة تكونت كشلال وليس كتخزين بالقاع
نقلا من بوابة الاهرام جريدة الاهرام عدد الجمعه 13/1/2012
رابط الموضع على البوابه
http://www.ahram.org.eg/776/2012/01/12/56/124555/219.aspx