ابو ياسر
عدد المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 02/11/2009 العمر : 72
| موضوع: النداء الاخير - من هو العدو الحقيقى للنوبيين ؟؟؟ السبت نوفمبر 07, 2009 4:46 pm | |
| كانت- التعلية الأولى للخزان عام 1912 ليرتفع منسوب المياه إلى 114 متراً وتغرق ثمانية قرى نوبية أخرى. وفى عام 1933 تمت التعلية الثانية للخزان ليصل منسوب المياه إلى 121 متراً لتغرق للمرة الثالثة، عشرة قرى نوبية أخرى، بينما أضيرت بقية القرى النوبية الإحدى عشر الأخرى والممتدة من الخزان حتى الحدود المصرية السودانية.وفىعام 1932 وأثناء التعلية الثانية لخزان أسوان، وجدت الحكومة آنذاك أن هناك ضرورة لتقنين وضعية النوبيين المتضرريين من جراء عمليات ضبط النهر. فكان القانون رقم 6 لسنة 1933 الخاص بنزع ملكية أهالى النوبة وتقدير التعويضات اللازمة لمواجهة كوارث أعوام 1902 و1912 و 1932، وذلك على الرغم من وجود قانون ينظم عملية نزع ملكية العقارات بشكل عام هو قانون رقم 27 لسنة 1906 ورقم 5 لسنة 1907. وربما أرادت الحكومة وضع قانون خاص بالنوبة حتى تتفادى التكلفة الكبيرة للتعويضات التى ستدفع للنوبيين من جراء نزع ملكياتهم، الأمر الذى يبدو بوضوح فى مبالغ التعويضات الهزيلة التى حصل عليها النوبيون آنذاك، حيث بلغ إجمالى مبلغ التعويض الذى رصدته الحكومة مليون وسبعمائة ألف جنيه خصم منها بعد ذلك نصف مليون جنيه، فى حين يشير أحد التقديرات إلى أن الحد الأدنى للتعويضات بأسعار ذلك الوقت لا يقل عن ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه.مع حركة يوليو وتفكير الضباط الأحرار فى بناء دولة قوية متحررة من الإستعمار ومكتفية ذاتياً عبر التنمية الشاملة، كان لزاماً على الدولة أن تفكر فى مزيد من ضبط النهر لتحقيق الاستفادة القصوى من المياه العذبة لاستغلالها فى زيادة رقعة الأراضي الزراعية المستصلحة على ضفتي النهر. فكانت فكرة بناء سد ضخم عند أسوان يقوم بهذه المهمة ويصبح مصدراً للطاقة الكهربائية. ورغم أن السد العالي جسد حلماً وطنياً فى المعركة ضد الاستعمار وتحقيق التنمية الشاملة فى مصر، إلا أنه مرة أخرى جاء وبالاً على أهالى النوبة. فقد تسبب السد فى أكبر عملية تهجير وتشريد لهم فى العصر الحديث، بعد أن غمرت مياه بحيرة السد قراهم ومنازلهم وأراضيهم. ومن المثير للدهشة هنا أن الدولة أصدرت فى عام 1962 القانون رقم 67 لنفس العام والخاص بنزع ملكية أراضى النوبة التى ستغمرها مياه السد العالى، كما صدر القرار رقم 106 لسنة 1964 بشأن تعويض وتمليك وإسكان أهالى النوبة، وذلك رغم وجود قوانين سابقة تنظم عملية نزع ملكية العقارات.السبب وراء هذا هو ما رأته الدولة آنذاك من أن القوانين المنظمة لعملية نزع الملكية سوف تعرقل انجاز عملية التهجير إذا ما اتبعت الإجراءات المنصوص عليها فى تلك القوانين. فهذه القوانين تعطي الحق للمتضررين من جراء نزع الملكية وما يرتبط بها من تعويضات اللجوء إلى القاضى الطبيعي للفصل فى القضية، فى حين جعل القانون الجديد هذا الحق فى يد لجنة إدارية مكونة من قاضي تختاره وزارة العدل ومندوبين وزارة الشئون الإجتماعية ووزارة الأشغال، وممثل لمحافظة أسوان. والدولة بتفويض هذه اللجنة للبت فى الشكاوي المترتبة على نزع الملكية تكون قد نصبت نفسها خصماً وحكماً فى نفس الوقت. بدا ذلك جلياً فى الإجراءات التى نص عليها القانون فى حالة الشكوى من نزع الملكية، والتى هى تعد فى مجملها إجراءات تعجيزية، الأمر الذى ترتب عليه إهدار الكثير من حقوق النوبيين المتضررين من عملة التهجير. فى هذا السياق تم تقدير تعويضات النوبيين بـ 6.036.818 جنيه، بواقع 1.973.478جنيه لعدد 1.044.380نخلة حيث قدر ثمن انخة الواحدة بـ 1.89قرش، كما قدرت التعويضات على المساكن بـ 1.886.700جنيه لعدد 35.966 مسكن، أي أن ثمن المسكن الواحد قدر بـ 52.458 جنيه، وبالنسبة للأراضي الزراعية والتي بلغت في ذلك الوقت 15.957 فدان قدرت قيمة التعويضات عنها بـ 2.155.720جنيه، بواقع 135.1 جنيه، أما السواقي والآبار التي بلغ عد دها آنذاك 1.064، قدرت قيمتها بـ 20.920 جنيه. أما السواقي والآبار التي بلغ عد دها آنذاك 1.064، قدرت قيمتها بـ 20.920 جنيه. وعلى الرغم من هزال هذه التعويضات مقارنة بحجم المعاناة التى تكبدها النوبيون من جراء الترحيل، فإنها لم تنفذ بالكامل. فقد صرفت نصف التعويضات فقط وقيمتها 3,458,000 ألف جنيه. ومنذ بدء التهجير فى 18/10/1963 بقرية دابور وحتى نهايته فى بقرية أبو حنضل لم تكن جميع المساكن البديلة المخصصة للنوبيين قد اكتملت. حيث تم اسكان 15,107 ألف أسرة بواقع 15,030 ألف منزل، بينما ظل بقية الأهالى يقيمون فى مخيمات أو عند ذويهم ممن تسلموا مساكن حتى تم استكمال باقى المنازل وعددها 918 منزل. أما منازل المغتربين وعددها 8467 منزل فقد بدء إنشاءها عام 1976 أى بعد 12 عام من التهجير، أضيف إليها 636 منزل تحت مسمى تيسيرات ليصبح الإجمالى 9103. ووفقاً لتقرير لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير عقب الزيارة الميدانية التى قامت بها في مارس 1998 فإن إجمالى ما تم بنائه من هذه المساكن 2829 منزل، ليصبح المتبقى 6274 منزل لم يستكمل حتى الآن.كيف تعود حقوق النوبيين؟للإجابة على هذا التساؤل يجب علينا الإجابة أولاً على سؤال آخر، من اغتصب حقوق النوبيين؟ بمعنى آخر من هو عدو النوبيين الحقيقي؟ هل هو حكم الشماليين المختلفون لغوياً وثقافياً وفي اللون، والذين ينظرون لأهل النوبة نظرة دونية، كما يحاول البعض تصدير ذلك؟ أم هم أعداء الحضارة النوبية المزعومة كما يحاول آخرون تصوير القضية؟ كل هذه التصورات في رأينا لا تعدو كونها أمراض أنتجها العدو الحقيقي الذي تسبب في تهميش النوبيين. فكما رأينا فإن قضية النوبة تمتد لما يقرب من قرن من الزمان، تعاقبت خلالها نظم حكم مختلفة نال منها النوبيون نصيب وافر من التهجير والتشريد والإفقار. لكن الملاحظة الهامة هنا هي أن سياسات جميع هذه النظم كانت تعبيراً عن طموحات الطبقات الرأسمالية الحاكمة في إحداث مزيد من التنمية، ليس بهدف تلبية احتياجات البشر وتوفير الرفاهية لهم، ولكن لتحقيق مزيد من تراكم رأس المال والأرباح حتى لو كان ذلك على حساب حياة الملايين من الفقراء. فمن المستفيد الأول من تحويل ري الحياض إلى ري دائم بعد بناء خزان أسوان، ألم يكن كبار ملاك الأرض الذين استعبدوا فقراء الفلاحين في وساياهم؟ حتى بعد حركة يوليو، ورغم كل المكتسبات التي حققها الإصلاح الزراعي للفلاحين، وكل طموحات التصنيع والتنمية المستقلة، هل تحسنت أحوال النوبيين؟ هل تحسنت أوضاع فقراء الفلاحين، أم تم نزع فائض التنمية إلى خزينة الدولة وطبقة البيروقراطية العسكرية التي خلقتها حركة الجيش؟ واليوم في ظل سياسات الليبرالية الجديدة والتنمية المزعومة والتي يجري جزء منها على ضفاف النهر هناك في مناطق النوبة القديمة ببناء قرى ومنتجعات سياحية تدر ملايين الأرباح، هل عادت تلك التنمية بشئ على فقراء مصر ومنهم النوبيين، أم أن الأرباح تتراكم بالمليارت في حسابات الرأسماليين الكبار؟إذاً فالمشترك الأساسي بين كافة الأنظمة التي عانى النوبيون تحت حكمهما أنها جميعاً أنظمة طبقية تعمل لصالح رأس المال وتخلق التنمية التي توفر لهم مزيداً من الأرباح، وليس تلك التنمية التي توفر احتياجات البشر ورفاهيتهم ذلك النمط من التنمية الذي لتي يمكن للنوبيين وغيرهم رؤيته بوضوح. والحقيقة التنمية الرأسمالية لم ينعكس بالإفقار والقهر والاضطهاد على النوبيين فقط وإنما علي كافة الفقراء من مختلف فئات المجتمع وطبقاته. فهذه السياسات الرأسمالية هي التي شردت آلاف العمال بالخصخصة والمعاش المبكر وأفقرت آلاف آخرين بوضعهم تحت رحمة الاستثمار في ظروف عمل أشبه بالعبودية. هذه السياسات أيضا هي التي شردت آلاف الفلاحين وطردتهم من أراضيهم بقانون 92 لسنة 1992، وقتلت منهم العشرات في معارك مع الأمن لتسليم الأرض للإقطاعيين الجدد. هذا النظام هو أيضاً من شرد العشرات من أهالي قلعة الكبش بحي السيدة زينب بهدم عششهم فوق رؤوسهم. هذا النظام وهذه السياسات هي نفسها التي تتجاهل صرخات أهل النوبة المطالبة بحقوقهم في حياة إنسانية كريمة تنتشلهم من مستنقع الفقر والبطالة وانعدام الخدمات والتمييز.هذا هو العدو الحقيقي للنوبيين وكل الفقراء والمضطهدين في مصر، · · · · · · · | |
|