إعداد: دكتور محمد رمضانما أشبه اليوم بالأمس! وهكذا تدور عجلة الزمن؛ ولكن السيناريو واحد، والقضية واحدة ألا وهي الصراع بين الحق والباطل، الحق واحد لا يتغير، ولكن الباطل يتلوَّن بأشكال مختلفة، فتارة يتمثل في مشركي مكة، وتارة يتمثل في الحروب الصليبية على الإسلام، وتارة يتمثل في هذا العدوان الصهيوني الغاشم على أرض فلسطين، وهذا الحصار على الأبرياء في غزة، وما أشبه اليوم بالأمس حين أجمع المشركون من أهل مكة على محاربة الدعوة التي عرّت واقعهم الجاهلي، وعابت آلهتهم وسفَّهت أحلامهم- آراءهم وأفكارهم- وتصوراتهم عن الله والحياة والإنسان والكون، فاتخذوا العديد من الوسائل والمحاولات لإيقاف الدعوة وإسكات صوتها، أو تحجيمها وتحديد مجال انتشارها، فكانت هذه محاولات كثيرة؛ لإيقاف هذه الدعوة من حروب مختلفة، وأهمها ثلاثة أنواع من الحروب:
النوع الأول: حرب الاضطهاد
وقد وجِهت للضعفاء الذين لا عزوة لهم ولا عصبية، والرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يملك شيئًا، وليس لديه ما يقدمه من حماية إذ رأى أسرة كأسرة عمار بن ياسر هو ووالده وأمه- رضي الله عنهم- تعذب ماذا يقول لها؟ لا يستطيع أن يقول إلا "اصبروا آل ياسر موعدكم الجنة"(1)، وعن جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بعمار وأهله وهم يُعذبون، فقال: "أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة"(2).
النوع الثاني: حرب السخرية
وحرب السخرية: كانت حربًا فيها نوع من الإيذاء النفسي، ومن الإحراج البالغ، كانت حربًا موجعةً ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)﴾ (الحجر)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (32)﴾ (المطففين): إنهم يضحكون ويسخرون وينكتون غمزًا ولمزًا وتنكيتًا، لكن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ثبتوا وصبروا على هذا كله.
النوع الثالث: حرب المقاطعة والحصار
وهي حرب مؤذية عندما يكون الإنسان تاجرًا، ثم تتقرر مقاطعته، أو عندما يكون له بنات وبنون فيُقَرَر ألا يتزوج أحد من بناته، هكذا صنع المشركون بأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنهم تحملوا هذا كله، وكان هذا الحصار الاقتصادي والاجتماعي في آخر العام السابع من البعثة، فازداد إيذاء المشركين من قريش، أمام صبر الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسلمين على الأذى وإصرارهم على الدعوة إلى الله، وإزاء انتشار الإسلام في القبائل، وبلغ هذا الأذى قمته في الحصار المادي والمعنوي والذي ضربته قريش ظلمًا وعدوانًا على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن عطف عليهم من قرابتهم، قال الزهري: ثم إن المشركين اشتدوا على المسلمين كأشد ما كانوا حتى بلغ المسلمون الجهد، واشتد عليهم البلاء وأجمعت قريش في مكرها، أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم علانية فلما رأى أبو طالب عمل القوم جمع بني عبد المطلب وأمرهم أن يدخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبهم، ويمنعوه ممن أراد قتله، فاجتمعوا على ذلك مسلمهم وكافرهم فمنهم من فعله حمية، ومنهم من فعله إيمانًا ويقينًا فلما عرفت قريش أن القوم قد منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجمعوا أمرهم ألا يجالسوهم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل، وكتبوا في ذلك صحيفة وعقودًا ومواثيق، ولا يتقبلوا من بني هاشم أبدًا صلحًا، ولا يأخذهم بهم رحمة حتى يسلموه في القتل. واشتد الحصار على الصحابة، وبني هاشم، وبني عبد المطلب، حتى اضطروا إلى أكل ورق الشجر، وحتى أصيبوا بظلف العيش وشدته حتى أن أحدهم يخرج ليبول فيسمع بقعقعة شيء تحته فإذا هي قطعة من جلد بعير فيأخذها فيغسلها، ثم يحرقها، ثم يسحقها، ثم يستفها، ويشرب عليها الماء فيتقوى بها ثلاثة أيام، وحتى لتسمع قريش صوت الصبية يتضاغون (3) من وراء الشعب من الجوع. فلما كان رأس ثلاث سنين، قيض الله- سبحانه وتعالى- لنقض الصحيفة أناسًا من أشراف قريش فنقضوا الصحيفة وفكوا الحصار عن إخوانهم وأقاربهم وبنوا عمومتهم.
ما أشبه الليلة بالبارحة! فها هو حصار آخر على الإسلام وأهله في فلسطين يقرب على الأربعة أعوام تقريبًا بلغ فيه أحباؤنا الجهد والتعب، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات. إن المتدبر لهذا الحدث والناظر بعين البصيرة يرى أن هناك عوامل مشتركة بين هذين الحدثين، حادث المقاطعة والحصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب أبي طالب لمدة ثلاث سنوات وحادث الحصار الاقتصادي لقطاع غزة وأهم هذه العوامل:
1- القضية في واقعها صراع
صراع بين حق بينه القرآن وبين باطل يرفعه أتباع الشيطان، بين أمة هي خير الأمم لو تمسكت بدينها وبين شعب وصفه الله بالسفاهة في قوله ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ﴾ (البقرة: من الآية 142)، بين أمة وسّد لها الأمر لتكون على سائر الأمم شاهدة، وبين شعب كتب عليه الذلة والمسكنة، ولكن الأمة تقاعست عن سبب خيريتها، وسارت تابعة لعدوها رغبة في متاع دنيوي زائل فما نالت هذا ولا ذاك. فالقضية أرض شاءت إرادة الله أن يكون عليها وحولها الصراع الأساسي بين الحق والباطل، وعليه أكثر من ذكر في القرآن من الأنبياء، فانحرف كثير من أتباعهم قال تعالى ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92)﴾ (البقرة)، ثم بعث الله محمدًا بالتوحيد الخالص، وعرفوه معرفتهم أبناءهم، وأيقنوا بصدقه ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ (البقرة: من الآية 146)، ولكنهم حاربوه وعاندوه، وحملوا في قلوبهم الكره له ولأمته فصار الصراع بين الحق والمبطلين.
2- الكفر ملة واحدة
إن حقيقة الصراع ليست بين الأديان ولا بين الحضارات، فالمسلمون ليسوا أعداء لليهود ولا للنصارى، فاليهودية والنصرانية دين كالإسلام ونحن مأمورون بالإيمان بالرسل السابقين فهو ركن أصيل من عقيدتنا ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ (البقرة: من الآية 285)، ولكن الصراع الحقيقي بين الإسلام والكفر، بين العدل والظلم، بين التمسك بالحق وبين سلب الحقوق سلبًا وعدوانًا. إن القارئ للتاريخ يجد أن الكفر كله ملة واحدة وهدفهم الأساسي القضاء على الإسلام والمسلمين، فيجب أن نظل متذكرين الحروب الصليبية وما جرى فيها ولا ننسى معها تعبير الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن عن بداية حرب صليبية جديدة، وإن حاول إعلاميًّا أن يفسرها تفسيرًا آخر، وأيضًا لا ننسى الاستعمار الإنجليزي والفرنسي والإيطالي للمنطقة بل هناك رسالة تنسب لنابليون بونابرت نشرت في الجريدة الرسمية الفرنسية في 20 أبريل عام 1799م، ينادي من معه "يا ورثة فلسطين الشرعيين" وفي العصر الحديث وعد بلفور وهو إنجليزي بروتستانتي كان بلفور يقول: "أنا صهيوني أكثر من أي صهيوني آخر" وهذا هو قائد الاستعمار الإنجليزي اللنبي عندما يدخل القدس بعد الانتداب الإنجليزي ويقول: "انتهت الحروب الصليبية" أما عن أمريكا فإنها تؤمن بأهمية وجود اليهود في فلسطين، بل يرى القائمون عليها أن أسباب البركة في أمريكا عبر السنين هو إكرامهم لليهود الذين لجئوا إلى هذه البلاد وبورك فيهم لأنهم دافعوا عن إسرائيل واعترفوا في حقها في أرض فلسطين وهكذا الكفر كله ملة واحدة.
3- القيم الإنسانية مطلقة وليست نسبية
فقيم الحق والخير والعدل والمساواة كلها قيم مطلقة وليست نسبية وثابتة لا تتغير، وتستحق الإشادة بها حتى ولو صدرت من أهل الجاهلية. ها هو النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته يشارك في حلف الفضول ويعتز بالمشاركة في تعزيز مبدأ العدل وفيه دلالة واضحة على أن شيوع الفساد في نظام أو مجتمع لا يعني خلوه من أي فضيلة وهذا ما حدث من أشراف العرب الذين لم يرضوا بالذل لأهليهم والجوع لبني جلدتهم فقاموا بخرق الحصار الذليل الذي وضعه مشركو مكة، وهذا ما حدث في القرن الحادي والعشرين من أناس قد لا يدينون بدين الإسلام ولكن تحلوا بهذه القيم الإنسانية النبيلة فسارعوا لفك الحصار عن إخواننا في غزة بل إنهم عّرضوا أنفسهم للموت من أجل أن تعم قيم الخير والعدل والحرية في العالم
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: من الآية 2)، وقال صلى الله عليه وسلم " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت"(4) وقال صلى الله عليه وسلم: "شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم، وأني أنكثه"(5).
4- النصر على اليهود حتمية دينية
إن الحقد قد تجمع في قلوب اليهود ضد كل خير، ولسحق كل دين أو فكرة أو عقيدة، وتسخير كل ذلك لهويتهم، وقد نجحوا إلى حد كبير في ذلك إلا مع الإسلام. ولذا كان التحذير في القرآن من اليهود ومن شدة مكرهم وعدائهم، بل بين القرآن بالصريح أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا. ولذا فإن الصراع قائم بين أهل الإيمان من المسلمين وبين اليهود. ولقد ورد في الكتاب والسنة حتمية انتصار الإسلام والمسلمين على اليهود حتى تتم كلمة الله في الأرض ومن ذلك:
* إتمام نور الله وإظهار دينه
قال تعالى ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)﴾ (الصف)، وقال تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)﴾ (الفتح)، وقال صلى الله عليه وسلم "إن الله زوي لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض"(6)، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم "ليبلغن هذا الأمر- أي الإسلام- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل، عزًّا يعز الله به أهل الإسلام وذلاًّ يذل الله به الكفر"(7).
* نصر الله للمؤمنين
قال تعالى ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47)، وقال تعالى ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: من الآية 214)، وقال تعالى ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (البقرة: من الآية 249).
* فشل أفعال الكفار ورد كيدهم
قال تعالى ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)﴾ (آل عمران)، وقال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)﴾ (الأنفال)، وقال تعالى ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)﴾ (الأنفال)، وقال الله تعالى ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)﴾ (الطارق).
* الوعد بالنصر على اليهود خاصة
قال تعالى ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ (الأعراف: من الآية 167)، وقال صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس"(8)، وقال صلى الله عليه وسلم "تقاتلون اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي تعالى فاقتله"(9). وقال صلى الله عليه وسلم "ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة"(10). ومن الأحاديث المتواترة نزول عيسى بن مريم وقتله للرجل الذي أتباعه من اليهود عند باب الّلد في فلسطين.
5- العمل.. العمل
لا بد من فهم الآيات والأحاديث فهمًا صحيحًا لا يؤدي إلى الركون والدعة والإهمال في الأخذ بالأسباب، بل علينا أن ننصر الله بإقامة شريعته والاحتكام إلى القرآن حتى ينصرنا الله على أعدائنا ولا ننسى أن نصر الله مشروط بنصرنا لدينه قال تعالى ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 7)
والسؤال ماذا نفعل؟
أراك تسألني أخي الحبيب ماذا نفعل؟ وأنا أقول لك إن لدينا أسلحة كثيرة وعديدة لكننا نعجز عن استخدامها:
* اكره الصهاينة القتلة
وثبت هذه الكراهية في نفوس إخوانك فإنك لا تستطيع مقاومتهم إلا إذا كرهتهم أولاً، وتذكر كم يكرهونك بشهادة القرآن ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة: من الآية 82).
* نشر القضية جهاد
الجهاد بالتعرف على القضية ودراستها واستيعابها من كل جوانبها. إن إخواننا في فلسطين لا يدافعون عن أنفسهم وأهليهم أو عن ديارهم وأبنائهم وأموالهم فقط بل يدافعون عن أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبة الصخرة ومهد المسيح فيجب علينا جميعا نشر القضية- تعريف الآخرين بها- بين أهلينا وفي بيوتنا ومع جيراننا وزملائنا وتوريثها في أولادنا، وذلك في جلساتنا العائلية أو بتوزيع كتاب أو شريط وما شابه ذلك كثيرًا.
* معرفة الشبهات والرد عليها:
أخي الكريم سوف نستمع إلى كثيرين يقولون:
- ما شأننا وفلسطين؟
قل لهم إن أمة الإسلام أمة واحدة قال تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103).
- لقد حاربنا من أجل فلسطين كثيرًا....
قل لهم: هذا أمر مضحك، فلم يقاتل من أجل إعلاء كلمة الله في فلسطين إلا فصائل عام 48 أما الجيوش النظامية فحروبها مضحكة، فاقرأ التاريخ لتعلم ماذا فعلت الشعوب؟ وماذا فعلت الجيوش النظامية؟
- اقتصادنا خرب بسبب فلسطين..
قل لهم إن ما ينفق في سبيل الله يضاعفه الله ويخلف على أهله ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ (المزمل: من الآية 20)، ولكن الاختلاسات والفساد والإنفاق في الباطل هو المخرب للأمم ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ (يونس: من الآية 81).
- نريد الرفاهية والتنعم
قل لهم: أما هذه فلا تكون إلا بفضل الله، ولا تأتي إلا بنصر الله ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)﴾ (الأعراف).
* الدعاء جهاد
خاصة في وقت السحر، وأوقات الإجابة، مع القنوت في الصلوات، ودعاء الملهوف، ودعاء المهموم في كل وقت، مع كل صلاة وكل تسبيحة قال تعالى ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾ (غافر). فالدعاء عبادة.. والدعاء جهاد.
* النية جهاد
وذلك باستحضار النية للشهادة في سبيل الله وعدم الركون إلى الدنيا، فإن من سأل الشهادة بصدق أنزله الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه قال صلى الله عليه وسلم "من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق" (11).
* المقاطعة جهاد
إن الاقتصاد والمال هم عصب الحياة، وبها تنتعش الأمم وتفتقر، فبالمقاطعة نحرم الأعداء من العيش في ثراء، ومن تطوير أسلحتهم التي يستخدمونها في قتل إخواننا الأبرياء في فلسطين والعراق وفي كشمير وفي الشيشان. إن المقاطعة فريضة إسلامية.. وضرورة اقتصادية وهذا ما أكده كثير من العلماء (12).
* الجهاد بالمال
قال صلى الله عليه وسلم "من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا"(13). فواجب على كل مسلم أن يقدم إعانة لإخوانه في فلسطين على ما يريد من تحسينات، وعلى ما ينفق في نوافل الأعمال الصالحة. فمن الأولوية تقديم مساعدة أهل فلسطين على أن يؤدي المسلم حج التطوع أو عمرة كذلك، وعليك منع نفسك وأهلك من رفاهية زائدة كالمصايف وغيرها إلى نزهة غير مكلفة حتى يمكنك التبرع لإخواننا في فلسطين وغير ذلك كثيرًا فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
------------