اللغة النوبية لغة عريقة وقديمة....قدم التاريخ
نطقت بحوالى 13 لهجة مختلفة حسبما يقول المؤرخون.... اندثرت وماتت هذة اللهجات مع مرور الزمن
ولم يتبق منها على قيد الحياه سوى لهجتين هما اللهجة الدنقلاوية ( لسان الدناقلة والكنوز ) واللهجة المحسية( لسان المحس والسكود وحلفا والفادجة)
اللهجتان خرجتا من مشكاة واحدة فهما قريبتا الشبه فى معظم المفردات وتتميز اللهجة الاولى الدنقلاويه بقوة واصالة مفرداتها اللغوية مقارنة باختها
انظر على سبيل المثال لا الحصر الى كلمة ( اس ) باللهجة الدنقلاوية والتى تعنى ماء وتمعن فى الكلمات الاتية
فى اللهجة المحسية ( اس - كاليه ) الساقية و ( مانج - اسى ) الدمع ستجدها مشتقة من الكلمة الاصلية ( اسى )
وستكتشف ان كلمة ( امن ) بلهجة الفادجة هى كلمة حديثة
اما عن تركيب الجملة فى كلتا اللهجتين فاللهجة الكنزية تتميز بان ضمير المخاطب يسبق الكلمة على سبيل المثال كلمة ( غبال ) بضمة فوق الغين بمعنى ( جهة ) فاذا اردت ان تقول ( جهتهم او ناحيتهم ) بالكنزية ( تن - غبال ) اما بالفادجة ( غبال - تن )لا حظ الضمير ( تن)
لكن الملاحظة الاهم فى ان اللهجتان اتفقتا على كلمة المحبة ( دولقو او دولى ) واختلفتا على اهم كلمة يجب ان يتفقا عليه
وهى كلمة لفظ الجلاله (الله) الواحد الاحد سبحانه وتعالى
فهى بالكنزية ( ارت ) وبالفادجة ( نور) بفتح النو....
اولكن ....اذا ما دققنا فى الكلمتين تجد ان الكلمة الاولى الكنزية ( الدنقلاوية ) هى الاقوى وهى الاصل لان دنقله كانت عاصمة النوبة والمركز الدينى ... واعتقد ان الكلمة الثانية ( نور ) من الممكن ان تكون مصدرها ( نور ) العربية بعد دخول الاسلام
ولقد عرف النوبييون التوحيد منذ عصر اخناتون عندما نادى بعبادة اله واحد فقط الاله ( امون)
وكلمة ( ماء ) والماء اصل الحياة ولقد عاش النوبيون على ضفاف النيل منذ فجر التاريخ
والغريب والمحزن ان كلتا اللهجتان تتصارعان مع عجلات الزمن للبقاء على قيد الحياه....وعدم اللحاق باخواتهن
لكن تسارع ايقاع الحياة والعولمة التى جعلت من العالم قرية صغيرة..... تجعل من احتمالية بقاءهما حيا
ضعيفا ...بل تكاد تكون للاسف معدومة...مع احساس النوبيين انفسهم اصحاب اللغة بان لغتهم قد صارت شيئا من الماضى
وتقليلهم من شان لغتهم وكانها سبة يريدون ان يتخلصوا منها....
انظر الى حديثنا الرسمى ( واعنى هنا الاجتماعات التى تعقد سواء بالقرية او بالجمعية ) ستجد ان المتحدث نوبى
ويتحدث الى اهل قريته النوبيين ولكنه يتحدث اليهم بالعربية ...انا هنا لا اقلل من لغة الضاد لغة القران الكريم ...وانما الله سبحانه وتعالى الذى خلقنا بهذا اللسان النوبى وخلق اخرين بالسنة اخرى ( ان فى اختلاف الوانكم والسنتكم لعبرة) ولو شاء الله لخلقنا بلسان واحد.... ولكنه سبحانه وتعالى له حكمة انه هو الحكيم الخبير سبحانه وتعالى
انه يتحدث ( المتحدث ) بالعربية بطلاقة وبفصاحة وكانه اذا تحدث بالنوبية سيقلل من شانه عند مستمعيه وهذا ما يحدث بالفعل اذا وقف احد المستمعين ليعلق على الحديث بلغة نوبية اذ ينظر له الحاضرين باستغراب وشفقة لانه لا يعرف كيف يتحدث ( العربية )
.....اذا اصبحت اللغة النوبية لغة دونية فهى تتداول فى السر يعنى ( بينى وبينك ) ...ولنفس السبب لم نفكر ولم نتشجع فى احياء حروف اللغة النوبية لاننا نحن النوبيين اكرر نحن النوبيين غير مصدقين ان هذه اللهجة التى نتهكم عليها ممكن ان تكون لغة مكتوبة نكتب بها رسائلنا ومقالاتنا